شاهد بالفيديو: فطر يحول ذبابة الفاكهة  إلى فخ شيطاني و يتحكم بعقلها Entomophthora muscae!

نحب أن نعتقد أننا نتحكم في أفعالنا وعقولنا، وأن قراراتنا هي ملكنا وحدنا. لكن الحقيقة تختلف تمامًا عندما نتحدث عن ذبابة الفاكهة Drosophila melanogaster، التي تصبح ضحية لفطر غامض يتحكم في سلوكها ودماغها بشكل كامل.

بداية القصة: التعرض للفطر

تبدأ القصة عندما تتجول الذبابة في بيئتها الطبيعية، تتغذى على الفواكه الناضجة المتحللة، حيث تلتقط بوغًا فطريًا صغيرًا وغير مرئي. هذا البوغ يخترق جلد الذبابة بهدوء، دون أن تظهر عليها أي علامات في البداية. خلال الأيام القليلة الأولى، يبدو أن كل شيء طبيعي، ولكن داخل جسم الذبابة، الفطر يبدأ بالنمو والتغذي على دهونها، ويبدأ في التأثير على جهازها العصبي.

سلوك الذبابة قبل الموت: الصعود للقمة

في اليوم الرابع أو الخامس، مع غروب الشمس، تبدأ الذبابة بالتصرف بشكل غريب، حيث تتجول بلا هدف وتبحث عن مكان مرتفع. يسمي العلماء هذا السلوك “summiting” أو الصعود للقمة. عند هذه المرحلة، يكون الفطر قد بدأ بالسيطرة على سلوك الذبابة بالكامل.

تبدأ الذبابة بعد ذلك في التشنج وحركات غير طبيعية، قبل أن تلتصق بمكانها عن طريق إفراز قطرات لزجة من فمها. هذا السلوك يضمن أن الذبابة ستبقى في مكان مرتفع، وهو أمر ضروري لانتشار الفطر لاحقًا.

مرحلة الموت ووضعية الذبابة

بعد دقائق قليلة من التصرف الغريب، ترتفع أجنحة الذبابة وتموت في وضعية تعرف بـ “Death Pose”، حيث تصبح الذبابة مثبتة بأفضل وضعية لإطلاق الأبواغ. هذه المرحلة هي ذروة نجاح الفطر في السيطرة على المضيف.

انطلاق الأبواغ وانتشار الفطر

بعد وفاة الذبابة، يخرج الفطر المعروف باسم Entomophthora muscae، أو “مُدمر الذباب”، من جسم المضيف. تتشكل على جسم الذبابة المتوفاة أجهزة صغيرة لإطلاق الأبواغ، تنفجر مئات الأبواغ بسرعة عالية. إذا كانت الذبابة قد صعدت إلى مكان مرتفع، تساعد الرياح في انتشار الأبواغ لمسافات أكبر، مما يزيد من فرص إصابة ذباب آخر.

في حالات اصطدام الأبواغ بأجنحة ذباب آخر، لا يمكنها اختراقها مباشرة، لذلك يطلق الفطر أبواغًا ثانوية لتعزيز فرص العدوى والانتشار.

كيف يتحكم الفطر في دماغ الذبابة؟

هذا السؤال يثير اهتمام العلماء منذ عقود. في جامعة هارفارد، تحاول كارولين إيليا فهم الطريقة التي يستخدمها الفطر للتحكم في سلوك الذبابة. أحد الاحتمالات أن الفطر يفرز مواد كيميائية تؤثر على خلايا الدماغ العصبية، وربما تحفز الخلايا العصبية المسؤولة عن تسلق الأماكن المرتفعة. لكن الأبحاث مستمرة ولا توجد نتائج مؤكدة بعد.

الفطر والبشر: الأمان أولاً

رغم خطورته على ذبابة الفاكهة، الفطر غير قادر على إصابة البشر أو التأثير على عقولنا. لذلك، يمكن دراسة هذا الفطر بأمان ضمن المختبرات البيولوجية المراقبة.

محاولات العلماء لاستغلال الفطر

حاول العلماء استخدام الفطر كوسيلة طبيعية للتحكم في أعداد الذباب في المزارع والمنازل. لكن الأبواغ قاتلة فقط لفترة قصيرة جدًا، وتتعرض بسهولة للتلف، مما يجعل الاستفادة العملية منها محدودة. الفطر، في جوهره، يقوم بما يحتاجه للبقاء على قيد الحياة فقط، ولا يمكن استغلاله كأداة فعالة على نطاق واسع.

أهمية دراسة الفطر

دراسة الفطر الذي يتحكم في سلوك ذبابة الفاكهة تفتح آفاقًا جديدة لفهم العلاقة بين الكائنات الدقيقة والمضيفة، والطرق التي يمكن أن تتحكم بها الميكروبات في السلوك العصبي. هذه الدراسات قد تساعد في المستقبل على تطوير طرق مبتكرة للتحكم البيولوجي أو فهم الأمراض العصبية المعقدة.

فيديو توضيحي علمي

لمشاهدة تفاصيل أكثر عن هذا الفطر وسلوكه المرعب على ذبابة الفاكهة، يمكنكم مشاهدة الفيديو التعليمي التالي بشكل قانوني وأكاديمي، حيث يقدم تجارب حقيقية وملاحظات دقيقة:

خلاصة البحث

توضح رحلة ذبابة الفاكهة مع الفطر القاتل مدى التعقيد المدهش للعلاقات بين الكائنات الحية. من التسلل الصامت إلى السيطرة الكاملة على الدماغ، إلى موت الذبابة وانتشار الأبواغ، كل خطوة تمثل استراتيجية دقيقة للبقاء على قيد الحياة والتكاثر للفطر. هذه الظواهر تقدم لنا نافذة على عالم لا نراه بالعين المجردة، وتعكس براعة الطبيعة في استخدام أساليب غير متوقعة للبقاء.

- نهاية المقال -