شاهد الصيد بالنمس الأبيض: تقنية قديمة تعود للحياة بلمسة علمية حديثة
يُعدّ الصيد بالنمس الأبيض إحدى أكثر طرق الصيد إثارة للاهتمام من الناحية السلوكية والبيئية، فهو يجمع بين فهم عميق لطبيعة الأرانب البرية وسلوكها تحت الأرض، وبين استغلال قدرات حيوان صغير يتمتع بذكاء وسرعة وقدرة عالية على المناورة داخل الجحور. وعلى الرغم من أن هذه الطريقة تُعدّ قديمة في بعض الثقافات الأوروبية، فإنها اليوم تعود للظهور بوصفها وسيلة فعّالة وأقل إزعاجًا للبيئة مقارنة بطرق المطاردة التقليدية باستخدام الكلاب.
النمس الأبيض: سلوك مفترس في جسد صغير
النمس (Ferret) هو حيوان مستأنس ينتمي إلى فصيلة ابن عرس، ويتميز بجسم طويل ومرن يسمح له بالتحرك داخل الأنفاق الضيقة بسهولة. يمتلك حاسة شم قوية، وردود فعل سريعة، وغريزة مطاردة متجذرة في سلوكه الطبيعي. هذه الصفات تجعل منه أداة مثالية لملاحقة الأرانب داخل جحورها، حيث لا تستطيع الكلاب أو البشر الوصول.
النمس الأبيض تحديدًا يُفضَّل في الصيد لأنه أكثر وضوحًا عند خروجه من الجحر، مما يسهل على الصياد مراقبته، كما أنه غالبًا أكثر هدوءًا وأقل عدوانية تجاه الفريسة مقارنة ببعض الأنواع الداكنة.
الخطوة الأولى: تحديد الجحور وتطويق المنطقة
يعتمد نجاح هذه الطريقة على فهم دقيق لبيئة الأرانب البرية. فالأرانب تبني شبكات معقدة من الأنفاق تحت الأرض، تمتد أحيانًا لعشرات الأمتار، وتحتوي على مداخل ومخارج متعددة. لذلك يبدأ الصياد بتحديد الجحور النشطة من خلال آثار الفضلات، التربة المفروشة حديثًا، أو علامات الحركة حول الفتحات.
بعد تحديد المنطقة، يقوم الصياد بتطويقها بسور من الشباك الخفيفة. هذا السور لا يهدف إلى حبس الأرنب بالقوة، بل إلى خلق حاجز مفاجئ يجبره على التوقف أو الوقوع في المصيدة عند خروجه من الجحر. الشباك تُثبت بإحكام على الأرض لمنع أي محاولة للهروب من الأسفل.
الخطوة الثانية: إطلاق النمس داخل الجحر
بعد تجهيز المنطقة، يأتي الدور الأهم: إرسال النمس داخل الجحر. بمجرد دخوله، يبدأ النمس بالتحرك بسرعة داخل الأنفاق، معتمدًا على حاسة الشم لتتبع الأرانب. وفي معظم الحالات، لا يهاجم النمس الأرنب مباشرة، بل يطرده ويدفعه إلى الهروب نحو السطح.
من الناحية السلوكية، يعتمد هذا الأسلوب على حقيقة أن الأرنب كائن فريسي شديد الحساسية، وعندما يشعر بوجود مفترس داخل الجحر، فإن أول رد فعل له هو الهروب إلى الخارج، حتى لو كان ذلك يعني مواجهة خطر مجهول فوق الأرض.
الخطوة الثالثة: خروج الأرنب ووقوعه في المصيدة
عندما يخرج الأرنب إلى السطح، يتفاجأ بوجود الشباك التي تطوق المكان. وبسبب سرعته العالية وارتباكه، غالبًا ما يعلق مباشرة في الشبكة، أو يتوقف للحظة كافية ليتمكن الصياد من الإمساك به بسهولة.
هذه الطريقة تُعدّ أكثر هدوءًا وأقل إجهادًا للأرنب مقارنة بالمطاردة الطويلة مع الكلاب، كما أنها تقلل من احتمالية إصابة الحيوان أو إلحاق الضرر بالبيئة المحيطة.
أهمية هذه الطريقة من منظور علمي وبيئي
من الناحية البيئية، الصيد بالنمس يُعدّ طريقة انتقائية وغير مدمرة. فهو لا يسبب ضوضاء، ولا يطارد الحيوانات لمسافات طويلة، ولا يخلّ بتوازن النظام البيئي. كما أن استخدام النمس المستأنس يقلل من احتمالية قتل الأرانب داخل الجحر، مما يحافظ على جودة اللحم ويمنع فقدان الفريسة.
أما من الناحية العلمية، فهذه الطريقة تُظهر فهمًا عميقًا لسلوك الأرانب، التي تعتمد على الأنفاق كوسيلة للحماية، لكنها تصبح أكثر عرضة للخطر عندما تُجبر على الخروج منها. كما تُبرز قدرة الإنسان على استغلال سلوك الحيوانات المفترسة بطريقة مدروسة وفعّالة.
يرجى الاشتراك في المدونة لكي تسطتيع اضافة تعليق ونشكركم جدا على حسن المتابعة : فريق عمل كوكب الصين